top of page

​نهوض المارد الورقي

من يهزم من في ساحة المنافسة على سوق الكتاب

 

على عكس التوقعات التي رافقت النمو المذهل في سوق الكتاب الرقمي خلال الأعوام 2009 و2010، والتي راهنت على اكتساح الكتاب الرقمي حصون نظيره الورقي خلال فترة قريبة، تشير الإحصاءات الحديثة إلى تغير جذري في موازين الصراع بين الشقيقين–العدوين . ففي حين قارب النموفي مبيعات العام 2009 مقارنة بالعام 2008 نسبة 135%، ارتفع بشكل مفاجئ إلى 252% في 2010 الأمر الذي قاد إلى الاعتقاد بان عصر الكتاب الورقي قد ولى وأن النسخ الورقية المحببة إلى قلوب عشاق الكتاب ستختفي من رفوف المكتبات بعد أقل من عقد من الزمن.

لكن الإحصاءات الحديثة بينت أن هذا الصعود العاصف لم يكن سوى طفرة عابرة رافقت الانتشار السريع الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية . فبحسب تقرير اتحاد الناشرين الأمريكيين AAP ، هبط نمو المبيعات في عام 2011 إلى 159% ثم إلى 28% في 2012 وأخيرا وليس آخرا إلى 5% فقط في عام 2013!

من ناحية أخرى وبحسب الإحصاءات في سوق الكتب الأوروبية أكد تقرير صادر عن متاجر ووترستون (Waterstone)، إحدى أكبر متاجر الكتب في إنجلترا، أن  القارئ البريطاني أنفق عام 2013 مبلغ 300 مليون جنيه على شراء 80 مليون نسخة من الكتب الرقمية في حين أنه أنفق مبلغ 2.2 مليار جنيه على شراء 323 مليون كتاب ورقي.  

المسألة إذن ليست مجرد نكسة عابرة للكتاب الرقمي بل هبوط منتظم، حاد، سيؤدي في نهاية الأمر في أحسن الحالات إلى تحجيم الكتاب الرقمي بحيث يكون منافسا ضعيفا، يقتصر وجوده على مجال الكتب المجانية، وبعض التخصصات التي تتطلب حضور المادة الرقمية من مثل كتب الفلك والكتب العلمية والأطالس وغيرها .

لا شك أن خطر انقراض الكتاب الورقي قد أرق العديد من محبي القراءة في السنوات الثلاث الأخيرة وأن عودته بقوة قد شكل مصدر رضا لمن اعتادت أصابعه تذوق ملمس الورق فيما يطالع روايته المحببة أو يتصفح ديوان شاعره المقرب إلى قلبه. لكن هل يعني ذلك الابتهاج بالنصر التخلي عن الكتاب الرقمي بقدراته الكبيرة التي تتنوع وترتقي بارتقاء التقنية الحديثة في عوالم الكومبيوتر والاتصالات؟

سؤال يطرح نفسه بقوة الآن في عالم الكتاب، والحل كما يراه البعض يكمن في دمج الكتاب الورقي والكتاب الرقمي في منتج واحد: "الكتاب الورقي الذكي" الذي يتيح للقارئ الاستمتاع بجمال الورق والاستفادة في الوقت نفسه من القدرات الكبيرة للكتاب الرقمي.

 

bottom of page